responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري نویسنده : ابن نجيم، زين الدين    جلد : 6  صفحه : 286
صَرَّحُوا بِهِ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ الرِّشْوَةِ لِمَا عَلِمْت وَفِي الْقُنْيَةِ قُبَيْلَ التَّحَرِّي الظَّلَمَةُ تَمْنَعُ النَّاسَ مِنْ الِاحْتِطَابِ مِنْ الْمُرُوجِ إلَّا بِدَفْعِ شَيْءٍ إلَيْهِمْ فَالدَّفْعُ وَالْأَخْذُ حَرَامٌ؛ لِأَنَّهُ رِشْوَةٌ اهـ. وَفِيهَا مَا يَدْفَعُهُ الْمُتَعَاشِقَانِ رِشْوَةً يَجِبُ رَدُّهَا وَلَا تُمْلَكُ اهـ.
فَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْآخِذَ لَا يَمْلِكُهَا وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي هِبَةِ الْقُنْيَةِ قَالَ وَفِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ الرِّشْوَةُ لَا تُمْلَكُ إلَى أَنْ قَالَ أَبْرَأَهُ عَنْ الدَّيْنِ لِيُصْلِحَ مُهِمَّهُ عِنْدَ السُّلْطَانِ لَا يَبْرَأُ وَهُوَ رِشْوَةٌ، وَلَوْ أَبَى الِاضْطِجَاعَ عِنْدَ امْرَأَتِهِ فَقَالَ أَبْرِئِينِي عَنْ الْمَهْرِ فَأَضْطَجِعُ مَعَكِ فَأَبْرَأَتْهُ قِيلَ يَبْرَأُ؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ لِلتَّوَدُّدِ الدَّاعِي لِلْجِمَاعِ، وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «تَهَادُوا تَحَابُّوا» بِخِلَافِ الْإِبْرَاءِ فِي الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ عَلَى إصْلَاحِ الْمُهِمِّ، وَإِصْلَاحُ الْمُهِمِّ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهِ دِيَانَةً، وَبَذْلُ الْمَالِ فِيمَا هُوَ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهِ حَدُّ الرِّشْوَةِ اهـ.
وَفِيهَا دَفَعَ لِلْقَاضِي أَوْ لِغَيْرِهِ سُحْتًا لِإِصْلَاحِ الْمُهِمِّ فَأَصْلَحَ ثُمَّ نَدِمَ بِرَدِّ مَا دُفِعَ إلَيْهِ اهـ.
فَظَاهِرُهُ أَنَّ التَّوْبَةَ مِنْ الرِّشْوَةِ بِرَدِّ الْمَالِ إلَى صَاحِبِهِ وَإِنْ قَضَى حَاجَتَهُ وَفِي صُلْحِ الْمِعْرَاجِ تَجُوزُ الْمُصَانَعَةُ لِلْأَوْصِيَاءِ فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى وَبِهِ يُفْتَى، ثُمَّ قَالَ مِنْ الرِّشْوَةِ الْمُحَرَّمَةِ عَلَى الْآخِذِ دُونَ الدَّافِعِ مَا يَأْخُذُهُ الشَّاعِرُ وَفِي وَصَايَا الْخَانِيَّةِ قَالُوا بَذْلُ الْمَالِ لِاسْتِخْلَاصِ حَقٍّ لَهُ عَلَى آخَرَ رِشْوَةٌ، وَلَيْسَ مِنْهُ مَا تَأْخُذُهُ الْمَرْأَةُ لِأَجْلِ صُلْحِهَا مَعَ الزَّوْجِ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ آخِرَ كِتَابِ الصُّلْحِ وَقَعَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ مُشَاقَّاتٌ فَقَالَتْ لَا أُصَالِحُهُ حَتَّى يُعْطِيَنِي كَذَا؛ لِأَنَّ لَهَا عَلَيْهِ حَقًّا كَالْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ اهـ.
وَمِنْهَا مَا فِي مَهْرِ الْبَزَّازِيَّةِ الْأَخُ أَبَى أَنْ يُزَوِّجَ الْأُخْتَ إلَّا أَنْ يَدْفَعَ لَهُ كَذَا فَدَفَعَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْهُ قَائِمًا أَوْ هَالِكًا؛ لِأَنَّهُ رِشْوَةٌ وَعَلَى قِيَاسِ هَذَا يَرْجِعُ بِالْهَدِيَّةِ أَيْضًا فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ إذَا عُلِمَ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُهُ إلَّا بِالْهَدِيَّةِ وَإِلَّا لَا اهـ.
وَمِنْهَا لَوْ أَنْفَقَ عَلَى مُعْتَدَّةِ الْغَيْرِ لِيَتَزَوَّجَهَا فَأَبَتْ أَنْ تَتَزَوَّجَهُ إنْ شَرَطَ الرُّجُوعَ رَجَعَ تَزَوَّجَهَا أَمْ لَا وَإِلَّا لَكِنْ أَنْفَقَ عَلَى طَمَعِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا اخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ فِي الرُّجُوعِ وَعَدَمِهِ، وَقَدَّمْنَاهُ وَتَمَامَهُ فِيهَا.

قَوْلُهُ (وَالْفَاسِقُ يَصْلُحُ مُفْتِيًا وَقِيلَ لَا) وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّهُ يَحْذَرُ النِّسْبَةَ إلَى الْخَطَأِ، وَوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ وَخَبَرُهُ غَيْرُ مَقْبُولٍ فِي الدِّيَانَاتِ وَلَمْ يُرَجِّحْ الشَّارِحُونَ أَحَدَهُمَا وَظَاهِرُ مَا فِي التَّحْرِيرِ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ اسْتِفْتَاؤُهُ اتِّفَاقًا فَإِنَّهُ قَالَ الِاتِّفَاقُ عَلَى حِلِّ اسْتِفْتَاءِ مَنْ عُرِفَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالِاجْتِهَادِ وَالْعَدَالَةِ أَوْ رَآهُ مُنْتَصِبًا وَالنَّاسُ يَسْتَفْتُونَهُ مُعَظِّمِينَ وَعَلَى امْتِنَاعِهِ إنْ ظَنَّ عَدَمَ أَحَدِهِمَا فَإِنْ جَهِلَ اجْتِهَادَهُ دُونَ عَدَالَتِهِ فَالْمُخْتَارُ مَنْعُ اسْتِفْتَائِهِ بِخِلَافِ الْمَجْهُولِ مِنْ غَيْرِهِ إذْ الِاتِّفَاقُ عَلَى الْمَنْعِ اهـ.
فَلَا أَقَلَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ تَرْجِيحًا لِعَدَمِ صَلَاحِيَّتِهِ، وَلِذَا جُزِمَ بِهِ فِي الْمَجْمَعِ وَاخْتَارَهُ فِي شَرْحِهِ، وَقَالَ إنَّ أَوْلَى مَا يُسْتَنْزَلُ بِهِ فَيْضُ الرَّحْمَةِ الْإِلَهِيَّةِ فِي تَحَقُّقِ الْوَاقِعَاتِ الشَّرْعِيَّةِ طَاعَةُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالتَّمَسُّكُ بِحَبْلِ التَّقْوَى قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ} [البقرة: 282] وَمَنْ اعْتَمَدَ عَلَى رَأْيِهِ وَذِهْنِهِ فِي اسْتِخْرَاجِ دَقَائِقِ الْفِقْهِ وَكُنُوزِهِ وَهُوَ فِي الْمَعَاصِي حَقِيقٌ بِإِنْزَالِ الْخِذْلَانِ عَلَيْهِ فَقَدْ اعْتَمَدَ عَلَى مَا لَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} [النور: 40] . اهـ.
فَشَرْطُ الْمُفْتِي إسْلَامُهُ وَعَدَالَتُهُ، وَلَزِمَ مِنْهَا اشْتِرَاطُ بُلُوغِهِ وَعَقْلِهِ فَتُرَدُّ فَتْوَى الْفَاسِقِ وَالْكَافِرِ وَغَيْرِ الْمُكَلَّفِ إذْ لَا يُقْبَلُ خَبَرُهُمْ، وَيُشْتَرَطُ أَهْلِيَّةُ اجْتِهَادِهِ كَمَا سَيَأْتِي وَلَا حَاجَةَ إلَى اشْتِرَاطِ التَّيَقُّظِ وَقُوَّةِ الضَّبْطِ كَمَا فِي الرَّوْضِ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّنْ غَلَبَ عَلَيْهِ الْغَفْلَةُ وَالسَّهْوُ؛ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ الْعَدَالَةِ يُغْنِي عَنْهُمَا وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَسْأَلَ أَهْلَ الْعِلْمِ الْمَشْهُورِينَ فِي عَصْرِهِ عَمَّنْ يَصْلُحُ لِلْفَتْوَى لِيَمْنَعَ مَنْ لَا يَصْلُحُ وَيَتَوَعَّدُهُ بِالْعُقُوبَةِ بِالْعَوْدِ وَلْيَكُنْ الْمُفْتِي مُتَنَزِّهًا عَنْ خَوَارِمِ الْمُرُوءَةِ فَقِيهَ النَّفْسِ سَلِيمَ الذِّهْنِ حَسَنَ التَّصَرُّفِ وَالِاسْتِنْبَاطِ، وَلَوْ كَانَ الْمُفْتِي عَبْدًا أَوْ امْرَأَةً أَوْ أَعْمَى أَوْ أَخْرَسَ بِالْإِشَارَةِ وَلَيْسَ هُوَ كَالشَّاهِدِ فِي رَدِّ فَتْوَاهُ لِقَرَابَةٍ وَجَرِّ نَفْعٍ وَدَفْعِ ضُرٍّ وَعَدَاوَةٍ فَهُوَ كَالرَّاوِي لَا كَالشَّاهِدِ، وَتُقْبَلُ فَتْوَى مَنْ لَا يَكْفُرُ وَلَا يَفْسُقُ بِبِدْعَةٍ كَشَهَادَتِهِ اهـ.
وَفِي تَلْقِيحِ الْمَحْبُوبِيِّ أَنَّ الْإِشَارَةَ مِنْ الْمُفْتِي النَّاطِقِ يُعْمَلُ بِهَا فَلَا يَخْتَصُّ بِالْأَخْرَسِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ وَفِي صُلْحٍ إلَخْ) هَكَذَا وُجِدَ بِالنُّسَخِ مُكَرَّرًا مَعَ السَّابِقِ، وَإِنْ كَانَتْ عِبَارَةُ الْمُحَشِّي تَقْضِي بِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ إلَّا فِي أَحَدِ الْمَوْضِعَيْنِ تَأَمَّلْ اهـ. مُصَحَّحَةً

[الْفَاسِقُ يَصْلُحُ مُفْتِيًا]
(قَوْلُهُ وَظَاهِرُ مَا فِي التَّحْرِيرِ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ اسْتِفْتَاؤُهُ اتِّفَاقًا) هَذَا بِنَاءً عَلَى مَا عَلَيْهِ الْأُصُولِيُّونَ مِنْ أَنَّ الْمُفْتِيَ هُوَ الْمُجْتَهِدُ كَمَا سَيَأْتِي فِي شَرْحِ قَوْلِهِ، وَالْمُفْتِي يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَكَذَا وَهُوَ غَيْرُ الْمُرَادِ هُنَا بَلْ الْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْمُقَلِّدُ الَّذِي يَنْتَقِلُ الْحُكْمُ عَنْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ إنْ ظَنَّ عَدَمَ أَحَدِهِمَا) أَيْ الِاجْتِهَادِ أَوْ الْعَدَالَةِ فَضْلًا عَنْ عَدَمِهِمَا جَمِيعًا كَذَا فِي شَرْحِ ابْنِ أَمِيرِ حَاجٍّ

نام کتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري نویسنده : ابن نجيم، زين الدين    جلد : 6  صفحه : 286
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست